سماحة الإسلام

السّماحة تحمِلُ كُلَّ معاني اللّين، واليُسر، والسُّهولة، وقد تميَّزَ الدِّينُ الإسلاميُّ باليُسر والسَّماحة، فقد شملَ بتلك المعاني كُلَّ الأحكام، والأوامر، والنَّواهي، وقد رفع الحرج والمشقة عن الناس فقد قال تعالى: }يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ{ [البقرة:185]

فالإسلام أبعد ما يكون عن التعقيد والتطرف والغلو، وبما أنَّ الإسلامَ دينٌ يُخاطِبُ كُلَّ الألوانِ، والأعراقِ، والأديانِ،  فقد ذَكَر لنا التَّاريخُ أنَّ الأمّمَ السالِفَة، لم تَعرِف مثلَ المُسلمينَ، فاتحينَ راحمينَ مُتسامِحين ناشرين للخير، فأخلاق الإسلام جميلةٌ طيّبة، وأحكامه هي أعدل الأحكام ِ فشريعةُ الإسلامِ أكملُ شريعةٍ وأوفاها، وأحكمُ مِلَّةٍ وأحفاها، ولا مِثالَ سواها، تُرَاعِي اليُسْرَ والسماحةَ في عنايتها بالعقيدةِ السَّمْحَةِ، والاعتدالِ والوسطيةِ، ومراعاةِ الضروراتِ والكليات الخمسِ والمقاصدِ الكبرى، واهتمامها باليقينيات والقطعيات، واعتبار المآلات في تحقيق المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، والحرص على اجتماع الكلمة ووحدة الصفوف.

صور من سماحة الإسلام
– شرع الإسلام للناس من الطهارات الحسية والمعنوية ما فيه تنظيف لثيابهم وأبدانهم وأرواحهم من غير أن يكلفهم في ذلك ما يشق عليهم فأباح لهم استعمال التراب بدلًا من الماء عند فقده أو تعذر استعماله في الحدث الأكبر والأصغر.

– رخص لهم قصر الصلاة في السفر وجمعها وأباح لهم الفطر فيه، وأذن لهم في المسح على الجبائر والخفين. وأباح لهم الصلاة في كل مكان طاهر قال صلى الله عليه وسلم: وجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا (رواه البخاري).

-دعا إلى حُسن التَّعامل في البيع والشراء، وذلك في قول النبي عليه الصلاة والسلام: (رَحِمَ اللهُ رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) رواه البخاري.

– حث على السَّمَاحَة في التعامل مع الآخرين
بعدم التشديد، وعدم الغلظة في التعامل معهم، حتى ولو كان خادمًا، فعن أنس رضي الله عنه قال خدمتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا: لم صنعت؟ ولا: ألا صنعت؟  (

ولما بعث النبي معاذًا وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما إلى اليمن أوصاهما بقوله: يسِّرا ولا تُعسِّرا وبشِّرا ولا تُنفِّرا وتطاوعا ولا تختلفا. رواه البخاري.2

حض على السَّمَاحَة في قضاء الحوائج:

فإن الذي يقضي حوائج النَّاس، فينفس كربتهم وييسر على معسرهم، ييسر الله له في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نَفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

-السَّمَاحَة في الاقتضاء:

أي أن يراعي حال المدين، وأن لا يطالبه بشدة وأمام النَّاس وأن لا يشكوه لحاكم يظلمه،

قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ  [البقرة: 280]

-استقبال الناس بالبشر وطلاقة الوجه: كما قال عليه الصلاة والسلام: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: «تبسُّمُك في وجهِ أخيك صدَقةٌ وأمرُك بالمعروفِ ونهيُك عن المنكرِ صدَقةٌ وإرشادُك الرَّجلَ في أرضِ الضَّلالةِ لك صدَقةٌ وإماطتُك الأذَى والشَّوْكَ والعظْمَ عن الطَّريقِ لك صدقةٌ وإفراغُك من دلْوِك في دلْوِ أخيك لك صدقةٌ»

-إفشاء السلام والقول الحسن الطيب للناس: قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83]، ولذا كان شعار التحية في الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله، وهي   صفات تسامح تُنْبِئُ عن سلامة الصدر وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أيُّها النَّاس أفشوا السَّلام، وأطعموا الطَّعام، وصلوا الأرحام، وصلُّوا باللَّيل والنَّاس نيام، تدخلوا الجنَّة بسلام».

-حسن المصاحبة والمعاشرة والتّغاضي عن الهفوات، لأنّ من كان سمح النّفس كان حسن المصاحبة لإخوانه ولأهله ولأولاده ولخدمه ولكلّ من يخالطه أو يرعاه يسامح ويعذر.

– إصلاح ذات البين قال تعالى: {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} [الأنفال:1]،

-السماحة بين الزوجين قال عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي وابن ماجه

-تحريم إيذاءَ كلِّ مُعاهدٍ أو مُستأمن دخل ديار الإسلام، وتغليظ عقوبةَ من يمارس ذلك الإيذاءِ سواء كان بالفعل أو القول، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) [رواه البخاري].

– تجاوز سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- لكلِّ الإيذاء الذي لَقيَهُ من قريشٍ خلال كُلِّ السّنواتِ التي سبقت فتح مكَّة، فإنَّه حين صار إليه الأمر، عفا عنهم، وقد خافوا على أنفسهم، وأولادهم، وأموالهم قبل ذلك.

تلخص ممَّا سبق إلى أنَّ السماحة تُمَثِّل مظهراً من مظاهر عظمة الإسلام؛ لِمَا لها من أثرٍ عظيم في نشر هذا الدِّين وتأليف قلوب مُعتنِقيه، إذْ إنَّ الحوادث تدل بوضوح على عمق أثرها وعظمة تأثيرها،

كما أنَّ هذا الخلق الرفيع والسلوك الراقي قد مارسه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كما دعا إليه وحثَّ عليه؛ ليكون نموذجًا وقدوةً لمن يراه ويُعايشه، ولمَنْ يأتي بعده فيعرف سيرته، بل وجعله من صفات الإسلام والمسلم الكامل، فمتى ذُكِرَ الإسلامُ، ذُكِرَ وصْفُه بالسماحة، وجاءت السنة القولية والعملية لِتؤكِّد على هذا الخُلُق وتلك الفضيلة، والتي يندرج تحتها العدل والرأفة والرحمة والإحسان والجود والكرم والسخاء وضبطُ النفسِ والتحكُّمُ فيها، ومن هنا تظهر عظمة هذا الخُلُق.

الشعور المجتمعي

إن الشعور المجتمعي هو إحساس بالمسؤولية، وصدق في الانتماء، وقيام كل فرد بواجبه تجاه مجتمعه، كل حسب موقعه ووظيفته، ويؤدي أمانته بكل كفاءة وتميز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة …

الشعور المجتمعي قراءة المزيد »

تُبَّع الأول وتبشيره بالنبيّ الأعظم عليه الصلاة والسلام

الحمدُ للهِ رَبِ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم. أما بعد، اعلموا إخوةَ الإيمان أنَّ تُبّع هو لقبٌ لملوكِ اليمنِ أيام زمان، وكانوا عربًا وكان هناكَ العديد من التبابعة، وذِكْرُ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان معروفًا بين الأنبياء، وكُتِبَ ذلكَ في الكتبِ القديمةِ، وتُبَّعٌ الأولُ له قصة شيقة في …

تُبَّع الأول وتبشيره بالنبيّ الأعظم عليه الصلاة والسلام قراءة المزيد »

الرياضة البدنية

لقد أولت دار الفتوى الرياضة البدنية اهتمامًا بالغًا لما لها من التأثير الكبير في تحسين المزاج، وهو ما ينعكس بقوة على مستوى أدائنا العام، فأنشأت الفرق الرياضية المختلفة من كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة والفروسية والسباحة وألعاب الفنون القتالية والشطرنج والداما للرجال والنساء والأطفال، ونظمت مباريات ودورات تهدف إلى رفع المستوى الرياضي، وترنو إلى …

الرياضة البدنية قراءة المزيد »