المسيح عيسى في الإسلام

من هو عيسى عليه السلام

قال تعالى في القرآن الكريم: {ما المسيحُ ابنُ مريمَ إلا رسولٌ قد خَلَتْ مِن قبلِــهِ الرُّسُلُ} [سورة المائــــــــــــــــــــــــــــدة].

هو عبد الله ورسوله عيسى بن مريم بنت عمران وهو ءاخر أنبياء بني إسرائيل عيشًا في الأرض، قال صلى الله عليه وسلم: “الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي” رواه البخاري، كما أن ءاخر الأنبياء والرسل جميعًا هو محمد صلوات الله وسلامـــــــــــــــه عليهم أجمعين. وهو واحد من أولي العزم من الأنبياء أي ذوي الحزم والصبر وهم محمد وابراهيم وموسى وعيسى ونوح.

فسيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام عبد من عباد الله خلقه الله تعالى وصوره في الرحم كما صور غيره من البشر، وقد خلقه تعالى من غير أب كما خلق ءادم من غير أب وأم، واختلاف المخلوقات دليل على كمال قدرة الله قال الله عز وجل: {إنَّ مثلَ عيسى عندَ اللهِ كمثلِ ءادمَ خلقهُ من تُرابٍ ثمَّ قالَ لهُ كنْ فيكونُ} [سورة ءال عمـــــــــــــــــــــــــــــــران].

وكان جميل الشكل والصوت ربعة أي ليس طويلاً ولا قصيرًا، ءادم اللون أي ذا سمرة خفيفة، سبط الشعـر أي شعره متسلسل ناعم، وكان من سيرته عليه السلام أنه كان زاهدًا لا يُبالي بنعيم الدنيا وملذاتها الفانية بل كان قلبه متعلقًا بالعمل بالآخرة وبطاعة الله تعالى، وكان لا يدخر عنده شيئًا ولكن ينفقـه على الفقراء والمساكين والمحتاجين، لا يأوي إلى منزل ولا أهــل ولا مال، إنما كــان يبيت وينام أينما يدركه المســـــــــــــــــــــاء.

وسُمّي نبي الله عيسى عليه السلام بالمسيح لكثرة سياحتــه في الأرض ليعلّم الناس دين الله وشرعه ويدعوهم إلى عبادة الله وحده.

ذكر عيسى عليه السلام في القرآن الكريم

لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم عيسى عليه السلام في مواطن كثيرة، ولئن كان عيسى عليه السلام ذكر باسمه في مواضع إلا أنه خوطب باسم عيسى ابن مريم والمسيح وعبد الله ورسول الله وكل هذا لمزيد تعظيمه، كيف لا وهو حبيب الله بل ولم ينتقص القرآن منزلة عيسى عليه السلام أبدا، ولا زال المسلمون على مدى أربعة عشر قرنا يعظمونه، ويسمون أولادهم باسمه وإذا ذكروه أو سمعوا اسمه قالوا عليه السلام.

قال الله تعالى:

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} البقرة 87

{قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} البقرة 136

{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} البقرة 253

{إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} آل عمران 45

{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} آل عمران 52

{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} آل عمران 55

{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} آل عمران 59

{قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} آل عمران 84

{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء 157

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} النساء 163

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} النساء 171

{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} المائدة 46

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} المائدة 78

{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} المائدة 110

{إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} المائدة 112

{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} المائدة 114

{وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} المائدة 116

{وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} الأنعام 85

{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} مريم 34

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} الأحزاب 7

{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} الشورى 13

{وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الزخرف 63

{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} الحديد 27

{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} الصف 6

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} الصف 14

نسب أمــــــــــــــــــــه عليها السلام

أم نبي الله عيسى عليه السلام هي مريم بنت عمران من سلالة نبي الله داود عليه السلام، الصديقة الولية البتول العذراء الطاهرة التي تربّت في بيت الفضيلة وعاشت عيشة الطهر والنزاهة والتقوى، وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليها في القرءان الكريم في مواطـــن عديدة، قال الله تعالى: {ومريمَ ابْنتَ عِمرانَ التي أحصنتْ فرجَها فنَفخْنا فيهِ من روحنا وصدَّقَتْ بكلماتِ ربِّها وكُتُبهِ وكانت منَ القانتينَ} [ٍسورة التحريــــــــم].

وقد كان والد مريم عليها السلام عمــران رجلاً صالحًا عظيمًا وعالمًا جليلاً من علماء بني إسرائيل، وكانت زوجته عاقرًا لا تلد واسمها “حَنَّة” وهي من العابدات، فرأت ذات يوم طيرا يزق فرخه فطلبت من الله تعالى أن يرزقها ولدا ونذرت أن تجعله خادما في بيت المقدس لأنها كانت تظن أنه ذكر فإذا هي أنثى فأسمتها مريم وتكفلها نبي الله زكريا زوج أخت مريم يعلمها الدين الإسلامي فنشأت صالحة طاهرة وصارت وليّة وكان زكريا نبي الله زوج أخت مريـــم في قول الجمهور وقيل زوج خالتها.

قال الله تعالى: {فلمَّا وَضَعَتها قالتْ رَبّ إنِّي وضعتُها أنثــى واللهُ أعلمُ بما وضعَتْ وليسَ الذَّكرُ كالأنثى وإنِّي سمَّيتُها مريمَ وإنـــي أُعيذُها بِكَ وذُرِّيَّتَها منَ الشيطانِ الرَّجيمِ} [سورة ءال عمران]. وقـــد استجاب الله تعالى لها قال تعالى: {فَتَقبَّلها ربُّها بقبولٍ حسَنٍ وأنبتَها نباتًا حسنًا} [سورة ءال عمــــــــــــــــــــــران].

وكان كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف.

قال الله تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} سورة آل عمران 37

نشأة مريم عليها السلام وتبشير الملائكــــــــــــــة لها

نشأت الصديقة الولية مريم عليها السلام نشأة طهر وعفاف وتربت على التقوى تؤدي الواجبات وتكثر من نوافل الطاعات، وعاشت في جــوار بيت المقدس، وقد وصفها الله تعالى في القرءان الكريم بالصدّيقة، وكانت الملائكة تأتي إلى مريم عليها السلام وتزورها، إلى أن جاءت إليها فـي وقت وبشرتها باصطفاء الله تعالى لها من بين سائر النساء وبتطهيـرها من الأدناس والرذائل، يقول الله تعالى في القرءان الكريم: {وإذ قالتِ الملائكــةُ يا مريمُ إنَّ اللهَ اصطفاكِ وطَهَّرَكِ واصطفاكِ على نساءِ العالمينَ* يا مريـمُ اقنُتي لربِّكِ واسجُدي وارْكعي معَ الرَّاكعينَ} [ســــورة ءال عمران].

وروى البخاري ومسلم  وغيرهما أن رسول الله صلـى الله عليه وسلم قال: “خير نسائها أي الجنة مريم بنت عمران “

وقال رسول الله أيضا فيما رواه الحافظ ابن عبد البر: خير النساء مريم بنت عمران ثم فاطمة بنت محمد ثم خديجة بنت خويلد ثم آسيا بنت مزاحم. وأما أفقه النساء عائشة.

وبشرتها كذلك بمولود كريم يكون له شأن عظيـم في الدنيا والآخرة ويكلم الناس صغيرًا في المهد ويكون كهلاً ومـــن الصالحين، يقول الله تعالى إخبارًا عن تبشير الملائكة لمريم عليها السلام بعيسـى صلى الله عليه وسلم: {إذْ قالت الملائكةُ يا مريمُ إنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكلمةٍ منهُ اسمُهُ المسيحُ عيسى ابنُ مريمَ وجيهًا في الدُّنيا والآخرةِ ومِنَ المُقَرَّبيـنَ* ويُكَلِّمُ النَّاسَ في المهدِ وكَهْلاً ومِنَ الصَّالِحينَ} [ســـورة ءال عمران].

ذكر ولادة نبي الله عيسى ابن مريم وبيان حال أمه مريــــــم العذراء البتول حين ولادتــــــــــــه

تقدم أن مريم كانت تعبد الله وتقوم بخدمة المسجد، وكانت تخرج منه في زمن حيضها أو لحاجة ضرورية لا بد منها، وفي ذات يوم خرجت مـن محرابها الذي كانت تعبد الله تعالى فيه وسارت جهة شرقي بيت المقدس وأمر الله تعالى الروح الأمين وهو جبريل عليه السلام أن يذهب إليــها ليبشرها بعيسى عليه السلام وهناك تمثل لها جبريل في صــورة شاب جميل أبيض الوجه فلما رأته مريم عليها السلام لم تعرف أنه جبريــل ففزعت منه واضطربت وخافت على نفسها منه وارتابت في أمره حيـث ظهر لها فجأة في ذلك المكان، وصارت تبتعد منه ثم قالت ما أخبـر الله به: {قالَتْ إنِّي أعوذُ بالرحمنِ منكَ إنْ كُنتَ تقيًّا} أي إن كنت تقيًّا مطيـعًا فلا تتعرض لي بسوء، لكن جبريل عليه السلام سرعان ما أزال عنــها اضطرابها وهدأ من روعها وقال لها: {إنَّما أناْ رسولُ ربِّكِ} أي لست ببشر ولكني ملك أرسلني الله تعالى إليك {لأهَبَ لــكِ غُلامًا زكيًّا} أَوْ لِأَكُونَ سَبَبًا فِي هِبَةِ الغُلَامِ بِالنَّفْخِ فِي الدِّرع ويكون نقيًا طَاهِرًا مِنَ الذُّنُوب، أَوْ نَامِيًا عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَة

قالت: {قالت أنَّى يكونُ لي غلامٌ ولم يَمسسني بشرٌ ولم أكُ بغيًّا} أي كيف ذلك وليس لي زوج ولست بزانية تَطْلُبُ الشَّهْوَةَ مِن أَيِّ رَجُلٍ كَان، وَلَا يَكُونُ الوَلَدُ عَادَةً إِلَّا مِن أَحَدِ هَذَين فقد تعجبت مريم عليها السلام عندما بشرها جبريل بالغلام لأنها بكر غير متزوجة وليست زانية {قالَ كذلكَ قالَ ربُّكِ هُوَ عليَّ هيِّنٌ ولِنجعلهُ ءايةً للناسِ}فأجابها جبريل عن تعجبها بأن خلق ولد من غير أب سهـل هين على الله تعالى، وليجعله علامة للناس ودليلاً على كمال قدرتـــه سبحانه وتعالى أي لنجعله عِبْرَةً وَبُرْهَانًا عَلَى قُدْرَتِنَا

{ورحمةً منَّا} وليجعله رحمة ونعمة لمن اتبعه وصدقه وءامن بـــه.

{ وكـانَ أمرًا مقضيًّا}  مُقَدَّرًا مَسْطُورًا فِي اللوح

فَلَمَّا اطْمَأَنَّتْ إِلَى قَوْلِهِ دَنَا جبريل أمين الوحي مِنْهَا فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا أَيْ فُتْحَةِ قَمِيصِهَا. وَالرُّوحُ دَخَلَ مِنَ الفَمِ هَكَذَا قَالَ أَبَيُّ ابنُ كَعَبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَوَصَلَتِ النَّفْخَةُ إِلَى بَطْنِهَا عليها السلام بقدرة الله وحملت بتلك النفخة بالسيد المسيح عليــه السلام قال تعالى: {والتي أحصَنتْ فرجَها فنَفَخنا فيها مِن روحِنا وجَعَلناها وابنَها ءايةً للعالمينَ} [سورة الأنبياء]، ويقال إن عمر مريم عليها السـلام حين حملت بعيسى المسيح عليه السلام كان ثلاث عشرة سنة أَوْ عَشْرًا أَوْ عِشْرِين ، وقد اختلف العلماء في مدة الحمل فقيل: تسع ساعات وقيل: ثمانية أشهر، وقيل: تسعة أشهر.

اتهام مريم وولادتها السيد المسيـــــــــح عليه الصلاة والسلام

لما حملت السيدة مريم عليها السلام بعيسى وظهرت عليها ءاثار الحمـل كان أول من فطن لذلك زكريا عليه السلام وقيل ابن خالها يوسف بــن يعقوب النجار وكان من عباد الله الصالحين، فجعل يتعجب من ذلك لمـا يعلم من تدينها ونزاهتها فقال لها مرة يعرض لها في حملها: يا مريم هل يكون زرعٌ من غير بذر؟ فقالت له: نعم فمن خلق الزرع الأول؟ ثم قال لها: فهل يكون ولد من غير ذكر؟ قالت: نعم إن الله خلق ءادم من غيـر ذكر وأنثى، عندئذ قال لها: فأخبريني خبرك، فأخبرته حقيقة أمرها وقالت له: إن الله تعالى بشرني بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريـم وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومـــن الصالحيــــــــــــــــــــــــــــــن.

شاع الخبر في بني إسرائيل أن مريم حامل فأساء بها الظن كثير منهـم واتهمها البعض بيوسف النجار الذي كان يتعبد معها في المسجد، واتهمها ءاخرون بنبي الله زكريا عليه السلام، وحزنت مريم عليها السلام حـزنًا شديدًا واعتراها كرب عظيم وتوارت عن أعينهم واعتزلتهم

﴿فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ﴾ اِعْتَزَلَت وَهُوَ فِي بَطْنِهَا.

﴿مَكَانًا قَصِيًّا﴾ بَعِيدًا عَن أَهْلِهَا وَرَاءَ الجَبَلِ، فرارًا من قومها أن يعيروها بولادتها من غيـر زوج، وذلك أنها علمت أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها إذا أتتهم بمولــودها الصغير مع أنها كانت عندهم من العابدات الناسكات المجاورات فـــي المسجد في عبادة الله سبحانـــــــــــــــــــــه.

ولما أتمت مريم عليها السلام أيام حملها وهي في بيت لحم ﴿فَأَجَآءَهَا﴾ جَاءَ بِهَا، وَقِيلَ أَلْجَأَهَا ﴿الـمَخَاضُ﴾ وَجَعُ الوِلَادَةِ

﴿إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ أَصْلِهَا، وَكَانَت يَابِسَةً وَكَانَ الوَقْتُ شِتَاءً.كَأَنَّهُ تَعَالَى أَرْشَدَهَا إِلَى النَّخْلَةِ لِيُطْعِمَهَا مِنْهَا الرُّطَبَ لِأَنَّهُ خُرَسَةُ النُّفَسَاءِ أَيْ طَعَامُهَا

فاحتضنت ذلك الجذع وولدت مولودها عيسى عليـــه السلام، وناداها جبريل عليه السلام من مكان من تحتها من أسفل الجبل يطمئنها ويخبرها أن الله تبارك وتعالى جعل تحتها نهرًا صغيرًا ويطلب منها أن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجني الطري وأن تأكل وتشـرب مما رزقها الله تعالى وأن تقر عينها بذلك وَقَالُوا التَّمْرُ لِلنُّفَسَاءِ عَادَةٌ مِنْ ذَلِكَ الوَقَت، وَقِيلَ مَا لِلنُّفَسَاءِ خَيْرٌ مِنَ الرُّطَبِ وَلَا لِلْمَرِيضِ مِنَ العَسَل

وأن لا تكلم إنسًا فإن رأت أحدًا من الناس تقول له بالإشارة إنها نذرت للرحمن صومًا أي صمتًا، وكـان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام، فهزت مريم عليها السلام جذع النخلة فتساقط عليها الرطب الجني الناضج فأكلت عليها السلام منه وشربت من ذلك النهر الذي أجراه الله تبارك وتعالى بقدرته لها في مكان كان لا يوجد فيه نهر، وكل ذلك إكرامًا من الله سبحانه وتعالى لمريــم على إيمانها وصلاحها وعنايتها بوليدها السيد المسيح عيسى عليـه الصلاة والســــــــــــــــــــــــــــــــلام.

أتت السيدة مريم عليها السلام قومها تحمل مولودها عيسى عليه السـلام على يدها في بيت لحم فلما رءاها قومها قالوا لها: لقد فعلت فعلة منكـرة عظيمة، وهي ساكتة لا تجيب لأنها أخبرتهـم بِالإِشَارَة أنها نذرت للرحمن صومًا، وَإِنَّمَا أُمِرَت أَنْ تَنْذُرَ السُّكُوتَ لِأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَكْفِيهَا الكَلَامَ بِمَا يُبَرِّئ بِهِ سَاحَتَهَا وَلِئَلَّا تُجَادِلَ السُّفَهَاء ولما ضاق بها الحال أشارت إلى عيسى عليه السلام أن كلموه فعنده جواب ما تبغون، عندها قالوا لها متعجبيــن: ما أخبر الله به بقوله: {كيفَ نُكَلِّمُ مَن كانَ في المهدِ صبيًّا} وما هذا إلا على سبيل التهكم بنا والازدراء إذ لا تردين علينا بكلام، عند ذلك أنطـق الله تبارك وتعالى بقدرته الرضيع “عيسى” عليه السلام وكان عمره أربعيـن يومًا {قالَ إنِّي عبدُ اللهِ} وهذا اعتراف منه عليه السلام بالعبودية لله تبارك وتعالى وهذه أول كلمة نطق بها عيسى وهو في المهد {ءاتانــيَ الكتابَ وجعلني نبيًّا} وفي ذلك تبرئة لأمه مما نسبوا إليها واتهموها بـه، فإن الله تعالى لا يعطي النبوة لمن هو كما زعموا، ثم قال لهم عيســى عليه السلام ما أخبر الله تعالى به: {وجعلني مُباركًا أيــنَ ما كنتُ} أي نفاعًا حيثما توجهتُ معلمًا للخير، وذلك أن عيسى عليه السلام كان يدعو حيث كان إلى عبادة الله تعالى وحده وأن لا يُعبدَ شيء غيره. قال تعالى إخبارًا وحكاية عن عيسى: {وأوصاني بالصلاة والزكاةِ ما دُمــتُ حيًّا* وبرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبارًا شقيًّا}فكان نبي الله عيسى عليه السلام يصلـي لله تعالى كما أمره، ويحسنُ إلى عباد الله بالزكاة وبذل الأموال والعطايا للمحتاجين والفقراء، ولم يكن عليه السلام فظًا ولا غليظًا، {والسَّلامُ عليَّ يومَ ولدتُ ويومَ أموتُ ويومَ أبعثُ حيًّا} فلما كانت هذه المواطن الثلاثة أشـقّ ما يكون على ابن ءادم جعل الله تعالى السلامة على نبيه عيسى عليــه السلام في هذه المواطن الثلاثة يوم ولادته وعندما يموت وعند البعث يوم القيامــــــــــــــــــــــــــــــــة. وَقَالَ بَعْضُهُم ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ﴾ أَيْ السَّلَامَةُ عِنْدَ الوِلَادَةِ مِنْ طَعْنِ الشَّيْطَان ﴿وَيَوْمَ أَمُوتُ﴾ أَيْ عِنْدَ الـمَوْتِ مِنَ الشِّرْكِ ﴿وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ أَيْ مِن أَهْوَالِ يَوْمِ القِيَامَة

وأمسك بعد ذلك عن الكلام حتى بلغ المبلغ المعتاد في نطــــق الصبيان فأنطقه الله تعالى بالحكمة وحســــــــــــن البيان.

ظهور العجائب عليــــه في صباه وبدء نزول الوحي عليـــــه

ولما بلغ سبع سنين أسلمته أمه إلى “الكُتَّاب” فجعل لا يعلمه المعلم شيئًا إلا بدره إليــــــــــــــــــــــــه.

ولما وُلد عيسى ابن مريم عليه السلام ظهرت أمور عجيبة تعظيمًا لشـأن هذا المولود ولما سيكون من أمره في المستقبل من ذلك أن الأصنام التي كانت تعبد من دون الله في زمان ولادته أصبحـت بكل أرض مقلوبة منكوسة على رؤوسها ففزعت الشياطين وخافت.

ولما بلغ عيسى عليه السلام الثلاثين من العمر أوحـى الله تعالى إليه أن يبرز للناس ويدعوهم إلى عبادة الله تعالى، فصار عليـه السلام يدعو الناس إلى ذلك فآمن به اثنا عشر شخصًا يسمون “الحواريين” لأنهم كانوا أنصار سيدنا عيسى عليه السلام وأعوانه المخلصين في محبته وطاعته وخدمته، فأخذ عيسى عليه السلام يُوزعهم في نواحي الأرض يدعون إلى عبادة الله تعالى وحده ونشر دين الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء والملائكة، وقد أيده الله تعالى بالمعجزات الباهرات فكان عليــه السلام يشفي المرضى والزمنى والأكمه والأبرص وغيرهم من المرضى حتى أحبه الناس وكثر أتباعه وعلا ذكره وشأنه بين الناس، وكان عليـه السلام يقضي أيامه في التجوال والسياحة في الأرض لدعوة الناس إلـى ديـــــــــــــــــــــــــــــن الإسلام.

أرسل الله تبارك وتعالى عيسى إلى بني إسرائيل يدعوهم لدين الإسـلام وعلّمه التوراة وأنزل عليه كتابًا سماويًا وهو الإنجيل الذي فيه دعوة إلى الإيمان بالله الواحد الأحد خالق كل شيء وإلى الإيمان بأن عيسى عبد الله ورسوله، وفيه بيان أحكام شريعته، وفيه البشارة بنبي ءاخر الزمان وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: {وإذ قالَ عيسى ابنُ مريمَ يا بني اسرائيلَ إنِّي رسـولُ اللهِ إليكُم مُصَدِّقًا لِما بينَ يَدَيَّ منَ التَّوراةِ ومُبَشِّرًا برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمدُ فلمَّا جاءَهُم بالبيِّناتِ قالوا هذا سحرٌ مُبينٌ} [ســورة الصف].

وفيه أيضًا تحريم الربا وكــل ضار للعقل أو البدن وأكل لحم الخنزير، وفيه الأمر بالصلاة والصيام وغيـر ذلك من أمور الدين، وكان أصل دعوته شيئان إفرادُ الله بالعبادة والإيمان به أنه نبيه، ولم يسم نفسه ابنًا لله ولا سمى الله أبًا له وكانت أول كلمة أنطقه الله بها وهو في المهد: {إنِّي عبـدُ اللهِ} حيث اعترف بالعبودية لله تعالى وحده رب كل شيء وخالق كــل شيء.

وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من شهـد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حـق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان مـــــــن العمل” رواه البخاري.

ومعنى “وروح منه” أن المسيح روحٌ صادرة من الله تعالى خلقًا وتكوينـًا وليس المعنى أن المسيح جزءٌ من الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى ليـس أصلاً لغيره ولا هو فرعٌ عن غيره وليس روحًا ولا جسدًا {لمْ يَلِدْ ولــمْ يولَدْ* ولمْ يكُنْ لهُ كُفُوًا أحدْ} [سورة الإخلاص]،

قال الله عز وجل: {لقد كَفَرَ الذينَ قالوا إنَّ اللهَ هُوَ المسيحُ ابنُ مريمَ وقالَ المسيحُ يا بني إسرائيلَ اعبُدوا اللهَ ربي وربُّكُم إنَّهُ مَن يُشرِك باللهِ فقد حرَّمَ اللهُ عليهِ الجنَّةَ ومأواهُ النارُ وما للظالمينَ من أنصارٍ} [سورة المائدة]، أي ليس للكافرين أنصار يحمونهم من عذاب الله في الآخـــــــــــــــــــــــرة.

قال تعالى: {ذلكَ عيسى ابنُ مريمَ قَوْلَ الحقِّ الذي فيهِ يَمترونَ* مـا كانَ للهِ أنْ يَتَّخِذَ مِن ولدٍ سُبحانهُ إذا قضى أمرًا فإنَّما يقولُ لهُ كُنْ فيكـــونُ} [ســـــــــــــــــــــــــــــورة مريم].

أي أن عيسى عليه السلام هو عبد مخلوق من امرأة وهـي أمه مريم، والله تعالى لا يعجزه شيء ولا يتعبه شيء، بل هــو يوجد ما أراد وجوده بسرعة أي من غير تأخر عن الوقــت الذي أراد وجوده فيه من غير أن يلحقه تعب ولا مشقة.

وقد قال تعالى بعد ذكر قصة عيسى عليه السلام وما كان من أمره فـي سورة ءال عمران: {إنَّ مَثَلَ عيسى عندَ اللهِ كمَثلِ ءادمَ خلقهُ مِن تُرابٍ }

بعض الناس من سخافة عقولهم يقولون نحن نعبد عيسى لأنه ظهرت عليه العجائب وليس له أب وأحيا الموتى فما يقول هؤلاء في آدم فليس له أب ولا أم وكذا حواء وهل يعبدون الملائكة فليس لهم أب ولا أم  وكذا إبليس فهل يعبدونه.

ثم كل الأنبياء عملوا العجائب وأظهروا المعجزات والأولياء ظهرت على أيديهم العجائب فهل يعبدون الأولياء.فكما أن عيسى أحيا الموتى كذلك غيره من الأنبياء والأولياء فنبي الله حزقيل أحيا أهل مقبرة كاملة رآى العظام المتفتتة فدعا الله فأحياها فقامت تذكر الله ويقال أحيا تسعة آلاف إنسان.

من معجزات عيسى عليه الصلاة والسلام

قال تعالى: {ويُعَلِّمُهُ الكتابَ والحكمةَ والتــوراةَ والإنجيلَ* ورسولاً إلى بني إسرائيلَ أنِّي قد جِئتُكُم بآيةٍ مِن ربِّكُم أنّــِي أخلُقُ لكُم مِنَ الطِّينِ كهيئةِ الطَّيرِ فأنفُخُ فيهِ فيكونُ طيرًا بإذنِ اللهِ وأبـرئُ الأكمَهَ والأبرصَ وأُحْيِ الموتى بإذن اللهِ وأنَبِّئُكُم بما تأكلونَ وما تَدَّخِرونَ في بُيُوتكم إنَّ في ذلكَ لآيةً لكُم إنْ كُنتُم مؤمنينَ } [سـورة ءال عمـــــــــــــــــــــــــــــران].

أيد الله تبارك وتعالى عيسى ابن مريم بروح القدس وهو جبريل عليــه السلام، وأيده أيضًا بالبينات وهي المعجزات الدالة على صدقه فيما يبلغه عن الله تبارك وتعالى.

_ ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه كان ينبئ قومه بما يأكلونه، ويدخرونه في بيوتهم.

_ وكان عليه السلام يمسح على المريض فيشفــى بإذن الله تعالى كان يبرئ الأكمه الذي يولد أعمى، والأبرص بإذن الله.

والبرص مرض يصيب الجلد ويكون على شكل بياض يغطي مساحات من الجسم، فينفر الناس من صاحبه، وخص هذان المرضان بالذكر لأنهما داءان معضلان، وكان الغالب على زمن سيدنا عيسى الطب، فأراهم الله المعجزة على يدي سيدنا عيسى من جنسِ ذلك.

_ وكان يحيي الموتى بإذن الله، حتى قيل إنه أحيا أربعة من الخلق بمشيئة الله وقدرته، ومن الذين أحياهم سيدنا عيسى عليه السلام بإذن الله أحد أصدقائه، واسمه عازر، إذ لما مرض أرسلت أخته إلى سيدنا عيسى عليه السلام أن عازر يموت، فسار إليه وبينهما ثلاثة أيام، فوصل إليه فوجده قد مات، فأتى قبره فدعا الله عز وجل وقال: قم بإذن الله، فقام عازر بإذن الله، وعاش وولد له ولد.

ومن الذين أحيوا بإذن الله على يدي سيدنا عيسى المسيح ابن العجوز، فإنه مر به محمولا على سريره فدعا له سيدنا عيسى عليه السلام أن يقوم بإذن الله، فقام ونزل عن أكتاف الرجال، ولبس ثيابه ثم حمل سريره و رجع إلى أهله.

وكذلك فعل مع أحد الملوك إذ كان محمولا، وجرى معه ما جرى مع ابن العجوز، لكن الكفرة الحسدة لما رأوا ذلك قالوا تعنتًا: إنك تحيي من كان موته قريبا، فلعلهم لم يموتوا بل أصيبوا بإغماء أو سكتة، فأحيي لنا سام بن نوح، وكان لسيدنا نوح عليه السلام أربعة أبناء، ثلاثة أسلموا ونجوا معه في السفينة سام وحام ويافث، أما الابن الرابع كنعان فقد أبى أن يؤمن ولم يصعد السفينة مع والده وإخوته فمات غرقًا.

فقال سيدنا عيسى عليه السلام: “دلوني على قبره”.

فخرج سيدنا عيسى وخرج القوم معه، حتى انتهوا إلى قبره، فدعا الله فخرج سام، وقد كان من وقت موته أكثر من أربعة ءالاف سنة، فقال له “عيسى”: “كيف شاب رأسك ولم يكن في زمانكم شيبٌ”؟ فقال: “يا نبي الله، إنك دعوتني فسمعت صوت ملك يقول: “أجب من ناداك”، فظننتُ أنَّ القيامة قد قامت، فمن هول ذلك شاب رأسي.

والتفت سام وقال للناس مشيرًا إلى سيدنا عيسى المسيح: “صدقوه، فإنه نبي” ثم عاد إلى حاله، فآمن به بعضهم وكذبه البعض الآخر، وقالوا: هذا سحر.

_ ويوما قالوا له إن كنت صادقًا في قولك ودعوتك فصور لنا خفاشًا من طين واجعله يطير، فقام سيدنا عيسى متوكلا على الله تعالى وأخذ طينًا وجعل منه خفاشًا، ثم نفخ فيه فقام يطير بإذن الله بين السماء والأرض وسط دهشة الناظرين، ولكنه ما إن غاب عن أعينهم حتى سقط ميتا، وكان تسوية الطين والنفخ من سيدنا عيسى والخلْق من الله عز وجل.

فانغاظ الكفار إذ طلبوا الخفاش لأنه من أعجب وأغرب الخلق، ومن أكمل الطيور خلقًا، لأن لأنثاه ثديين وأسنانا وأذنين، ومن عجائبه أنه من لحم ودم ويطير بغير ريش، ويلد كما يلد الحيوان، ولا يبيض كما تبيض سائر الطيور، فيكون له الضرع يخرج منه اللبن ولا يبصر في ضوء النهار، ولا في ظلمة الليل، وإنما يرى في ساعتين، بعد غروب الشمس ساعة، وبعد طلوع الفجر ساعة، ويضحك كما يضحك الإنسان، وتحيض أنثاه كما تحيض المرأة .

فأنى للطبائعــي إبراء الأكمه الذي ولد أعمى، وكذلك الأبرص والمجذوم ومن به مـرض مزمن من دون استعمال أعشاب وعقاقير، وأنى للطبيب أن يحيي الميت من قبره وكما فعل عيسى عليه السلام، فيُعلم بدلالة العقل أن عيسى عليه السلام نبي الله ورسولــــــــــــــــــــــــه.

ذكر المكيدة وحادثة رفــــع عيسى عليه السلام إلى السماء وبيان أنه لم يقتل ولم يصلـــــــــــــــــــــــــــب

لقد استمر أكثر بني إسرائيل على كفرهم وضلالهم وءامن بعيسى عليـــه السلام القليل، وكان منهم طائفة صالحة كانوا له أنصارًا وأعوانًا قامـوا بمتابعته ونصرته وإعانته على نشر دين الإسلام الحق الذي أرسلـه الله تبارك وتعالى ليدعو إليه، قال الله تبارك وتعالى: {فلمَّا أحَسَّ عيسى منهُم الكُفـرَ قالَ مَنْ أنصاري إلى اللهِ قالَ الحَواريُّونَ نحنُ أنصارُ اللهِ ءامنَّا باللهِ واشهَدْ بأنَّا مُسلمـونَ } [سورة ءال عمــــــــــــــران].

ولما أخذت دعوته تنتشر ويكثر أتباعــــه ومناصروه حسده اليهود وتآمروا عليه وأخذوا يدبرون مكيدة لقتلـــه والتخلص منه، وعزموا على قتلــه وصلبه فأنقذه الله تبارك وتعالى من مكيدتهم ومكرهم ورفعه إلى السماء من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد من أصحابه فأخذوه فقتلــــوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى عليه السلام وهم في ذلك غالطون، قال الله تبارك وتعالى في الرد على الذين زعموا أنهم قتلوا نبــي الله عيسى عليه السلام: {وقولِهِم إنَّا قتَلنا المسيحَ عيسى ابنَ مريمَ رسـولَ اللهِ وما قتلوهُ وما صلبوهُ ولكن شُبِّهَ لهُم} وقال: {بل رفعهُ اللهُ إليهِ وكانَ اللهُ عزيزًا حكيمًا} [سورة النســـــــــــــــــــاء].

وورد في قصة رفع نبي الله عيسى عليه السلام إلى السماء أنه قبـل أن يدخل اليهود على المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام كان مع اثني عشر من أصحابه وتلاميذه في بيت فقال لهم: إن منكم من يكفر بي بعد أن ءامن، ثم قال لهم: أيكم يُلقى عليه شبهي ويُقتل مكاني فيكـون رفيقي في الجنة؟ فقام شاب أحدثهم سنًا فقال: أنا، قال: اجلس، ثم أعـاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب وقال: أنا، ثم أعاد عيسى عليــه السلام مقالته فعاد الشاب الثالثة، فقال له عليه السلام: أنت هو، وألقى الله سبحانه وتعالى شبه عيسى عليه السلام على هذا الشاب، فدخل اليهــود البيت وأخذوا الشاب فقتل وصلب بعد أن رفع عيسى عليه السلام مــن روزنة في البيت – وهي نافذة في أعلى الحائط- إلى السماء وأهل البيت ينظرون. ثم افترقوا فرقًا، فرقة قالت: هو الله، وفرقة قالت: هو ابن الله، وفرقة قالت: هو عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الفرقتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسًا حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلــــــــــــــــــــــــــــم.

بعد رفع عيسى عليه السلام

بعد رفع عيسى عليه السلام إلى السماء بمائتي سنة حُرّف دينــه القويم وحُرِّفت معاني الإنجيل الذي أنزل عليه، ثم عمد هؤلاء المحرفون إلى تحريف ألفاظه فحذفوا منه أغلب الألفاظ، وصار أحدهم يكتب إنجيلاً ويقول: هذا هو الإنجيل الأصلي، حتى كثر عددها وبلغت إلى نحو سبعين كتابًا كلهم باسم الإنجيل المنزل فجمعهم الملك “قُسطنطين” الذي كان فـي الأصل وثنيًا ثم دخل في دين المحرفين وطلب منهم أن يجمعوا أمرهـم، فاتفقوا على أربعة كتب كلها فيها تحريف للإنجيل الأصلي الذي أنزل على نبي الله عيسى عليه السلام، ثم أحرقوا بقية الكتب وانقسموا نحو سبعيـن فرقة.

بيان نزول عيسى المسيح عليــــه السلام من السماء قبل يوم القيامة وأنه من علامات الساعــــــــــــــــــــــــة

ليعلم أنه ورد في الشريعة أن من علامات قرب قيام الساعة نزول عيسى عليه السلام من السماء إلى الأرض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ قوله تعالى: {وإنَّهُ لَعِلمٌ للساعةِ} [سورة الزخرف] فقال: “نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة”. وقد ثبت عن النبـي صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام لما ينزل من السماء ينــزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ثم يعيش في الأرض أربعين سنــة يحكم خلالها بشريعة القرءان شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلـم، ويعم بعد نزول عيسى عليه السلام الأرض الإسلام والأمن والســـلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب، ويكسر عليه السلام عنــد نزوله الصليب ويقتل الخنازير في بقاع الأرض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً فيكسر الصليب ويقتــــل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكـــون السجدة خيرًا من الدنيا وما فيها” رواه البخاري ومسلم وغيــــرهما.

روى الحاكم في المستدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ليهبطـنَّ عيسى ابن مريم حكمًا مقسطًا وليسلكنَّ فجًّا حاجًّا أو معتمرًا وليأتينَّ قبري حتى يسلّم عليّ ولأردنَّ عليـــــــــــــــــــــه”. ثم يموت فيدفن في الحجرة النبويـة قرب قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيـــــــــــــه.

قَالَ الْعُلَمَاء : الْحِكْمَة فِي نُزُول عِيسَى دُون غَيْره مِنْ الْأَنْبِيَاء الرَّدّ عَلَى من زَعموا أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ , فَبَيَّنَ اللَّه تَعَالَى كَذِبهمْ وَأَنَّهُ الَّذِي يَقْتُلهُمْ.

من أقوال عيسى عليه السلام وحكمــــــــــــــــــه

وورد أن عيسى المسيح عليه السلام قال يومًا لتلاميذه الحواريين: كلـوا خبز الشعير واشربوا الماء القراح واخرجوا من الدنيا سالمين ءامنيـن، بحق ما أقول لكم إنّ حلاوة الدنيا مرارة الآخرة وإن مرارة الدنيا حلاوة الآخــــــــــــــــــــــــــــــــرة.

وروي عنه أنه قال: طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته وحفظ لسانـــه ووسعه بيتــــــــــــــــــــــــــــــه.

مَوْلِدُ النُّور

نورٌ تَجِفُّ بِوَصْفِهِ الأقلامُ               طَرِبَتْ بهِ الأكوانُ والأيامُ إن لم يكن إعظامُهُ بلغَ الذُّرَى             فَلِمَنْ يكونُ لدونِهِ الإعظامُ نورٌ وما شىءٌ له بمشابِهٍ                  لَهَفِي، تَزُولُ بِذِكْرِهِ الأسقامُ هُوَ عِزُّنا وبهِ الْبَشائِرُ أُعْلِنَتْ              مُذ أسلَمَتْهُ لبَعْضِها الأرحامُ وتقولُ ءامنَةٌ وقد وضعَتْهُ ما              هذا العظيمُ تنيرُ منهُ الشَّامُ بهِ ءامَنَتْ قبلَ النُّبُوَّةِ بَشَّرَتْ               رُسُلٌ أباهُم كانَ إبراهامُ وبهِ الْمَسِيحُ أتى يُبَشِّرُها وكَمْ             إنْجِيلُهُ فيهِ …

مَوْلِدُ النُّور قراءة المزيد »

تفعيل دور المرأة

لا يخفى أهمية دور المرأة في حياة الإنسان العلمية والعملية والشريعة الإسلامية أعطت المرأة حقوقها ووضعتها في المكان الصحيح وحمت ساحتها وصانت كرامتها وحفظت لها مصالحها وهي ترعى الرجل منذ نعومة أظفاره أمًّا حنونًا، وأختًا تقاسمه المشاعر الأخوية تحت جناح الأبوين، وزوجة في المستقبل تشارك زوجها حياته، وتعمر بيته، وتقاسمه ظروف الحياة بمشاغلها وهمومها وحلوها …

تفعيل دور المرأة قراءة المزيد »

الدليل على نبوة سيدنا محمد

الحمد لله الذي تفضل علينا بالبعثة النبوية، ورصَّع أمتنا بالجوهرة المحمدية وجعلها أمة سمية، أرسل نبيه بالخير والرحمات داعيًا إلى الحق والمبرات مؤيدًا بالمعجزات الباهرات والآيات الظاهرات، وأصلي وأسلم على محمد عبد الله ورسوله وصفيه وخليله خير البشر فخر ربيعة ومضر من انشق له القمر وشهد برسالته الشجر وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين وبعد: تعريف …

الدليل على نبوة سيدنا محمد قراءة المزيد »