أحكام الحج

إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوْبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا؛ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ وَلَا مَثِيْلَ وَلَا ضِدَّ وَلَا نِدَّ وَلَا جِسْمَ وَلَا أَعْضَاءَ وَلَا هَيْئَةَ وَلَا صُوْرَةَ وَلَا مَكَانَ لَهُ، جَلَّ رَبِّي هُوَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيْبَنَا وَعَظِيْمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيْبُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ، فَجَزَاهُ اللهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ وَأَنْعِمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ المعَلِّمِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْنَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.

أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ؛ اِتَّقُوا اللهَ وَاسْتَقِيْمُوا عَلَى هُدَاهُ، وَاذْكُرُوا قَوْلَهَ جَلَّ وَعَلَا فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيْلِ: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ  فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ، وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ، وَقَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ  مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا، اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ المسْلِمُونَ، نَحْنُ اليَوْمَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ المبَارَكِ، وَالمشْتَاقُوْنَ لِزِيَارَةِ البَيْتِ الحَرَامِ وَقَبْرِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، قَدِ اِمْتَلَأَتْ أَفْئِدَتُهُمْ شَوْقًا لِتِلْكَ الزِّيَارَةِ الطَّيِّبَةِ، فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الأَيَّامِ تَتَأَجَّجُ مَشَاعِرُ المسْلِمِيْنَ، وَيَشْتَدُّ حَنِيْنُهُم إِلَى البَيْتِ العَتِيْقِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا، فَتَتَحَرَّكُ جُمُوْعُهُمُ الغَفِيْرَةُ مِنْ بِقَاعِ الأَرْضِ شَتَّى، مُتَّجِهَةً إِلَى المسْجِدِ الحَرَامِ؛ لِيَشْهَدُوا عِبَادَةَ الحَجِّ العَظِيْمَةِ، لِذَلِكَ أَيُّهَا الرَّاغِبُ فِي زِيَارَةِ البَيْتِ الحَرَامِ وَالقَبْرِ الشَّرِيْفِ، هَلُمَّ إِلَى مَجْلِسِ عِلْمِ الدِّيْنِ، لِتَتَعَلَّمَ كَيْفِيَّةَ أَدَاءِ الحَجِّ، وَكَيْفِيَّةَ أَدَاءِ العُمْرَةِ، وَءادَابَ الزِّيَارَةِ الكَرِيْمَةِ.

عِبَادَ اللهِ، مَنْ أَرَادَ رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالتَّقَرُّبَ إِلَيْهِ بِأَدَاءِ مَنَاسِكِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَكَلَّفَ الطَّلَبَ وَالسُّؤَالَ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَقَبْلَ البَدْءِ بِمَنَاسِكِهِمَا لِتَعَلُّمِ أَحْكَامِهِمَا، إِنْ لَم يَكُنْ يَعْلَمُهَا، كَمَا أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ مِنْ مَالِهِ وَصِحَّتِهِ وَوَقْتِهِ لِهَذِهِ الرِّحْلَةِ العَظِيْمَةِ الشَّيْءَ الكَثِيْرَ.

وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، أَيْ مَرْدُودٌ لَا يُقْبَلُ، فَلَا يَكُوْنُ العَمَلُ صَالِحًا صَحِيْحًا مَقْبُولًا عِنْدَ اللهِ، إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ مُوَافِقًا لِشَرْعِ اللهِ. وَالحَجُّ مِنْ أَعْظَمِ أُمُوْرِ الإِسْلَامِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى المسْلِمِ الحُرِّ المكَلَّفِ المسْتَطِيْعِ، مَرَّةً فِي العُمُرِ، وَفِيْهِ مَشَقَّةٌ وَبَذْلُ مَالٍ وَسَفَرٌ وَغُرْبَةٌ، فَيَنْبَغِي عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى أَدَائِهِ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي يَكُونُ مَقْبُولًا بِهِ فِي الشَّرْعِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قِيْلَ: “مَا أَكْثَرَ الضَّجِيْجَ وَمَا أَقَلَّ الحَجِيْجَ”، نَعَمْ عِبَادَ اللهِ، فَقَاصِدُوا البَيْتِ الحَرَامِ كُثُرٌ، وَأَصْوَاتُ الملَبِّيْنَ وَالدَّاعِيْنَ تَمْلَأُ أَرْجَاءَ الكَعْبَةِ، وَلَكِنَّ الَّذِيْنَ يُقْبَلُ حَجُّهُم قِلَّةٌ؟ أَتَعْرِفُونَ لِمَاذَا؟ لِأَنَّ كَثِيْـرًا مِنْ هَؤُلَاءِ مَا تَعَلَّمُوا أَرْكَانَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، وَمَا تَعَلَّمُوا مُفْسِدَاتِهِمَا، يَذْهَبُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفُوا كَيْفَ يَصِحُّ الحَجُّ وَكَيْفَ تَصِحُّ العُمْرَةُ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلُوا مَا هُوَ الَّذِي يُجْبَرُ بِدَمٍ وَمَا هُوَ الَّذِيْ إِذَا تَرَكَهُ لَا يُجْبَرُ بِدَمٍ، فَيَكُوْنُوْنَ حَيَارَى، كَثِيْرٌ هُمُ الَّذِيْنَ يَذْهَبُوْنَ وَلَا يَعْرِفُوْنَ حُدُوْدَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفُونَ خَارِجَ عَرَفَاتٍ حَيْثُ لَا يُجْزِئُ الوُقُوْفُ، وَكَثِيْرُوْنَ يَذْهَبُوْنَ وَلَا يَعْرِفُوْنَ مَتَى يَبْدَأُ الرَّجْمُ، وَكَيْفَ يَصِحُّ وَكَيْفَ لَا يَصِحُّ، وَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَثِيْرٌ لَا يَعْرِفُوْنَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ القَضَايَا الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالحَجِّ؛ ثُمَّ إِنَّ بَعْضَهُم قَدْ يَكُونُ مُغْتَاظًا غَاضِبًا لِقَضِيَّةٍ مَا، أَوْ حَادِثَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَتَرَاهُ يَتَلَفَّظُ بِأَلْفَاظٍ سَفِيْهَةٍ، حَتَّى قِيْلَ إِنَّ بَعْضَهُم يَسُبُّ اللهَ أَو دِيْنَ المسْلِمِيْنَ أَوِ الحَجَّ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، فَيَكُونُ بِهَذَا قَدْ أَبْطَلَ حَجَّهُ وَخَرَجَ مِنَ الإِسْلَامِ.

إِخْوَةَ الإِيْمَانِ، الحَجُّ المبْرُورُ لَهُ مَزِيَّةٌ عَظِيْمَةٌ خَصَّهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا، لَمْ تُجْعَلْ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الصِّيَامِ وَلَا فِي الزَّكَاةِ، وَهِيَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ الكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ حَتَّى يُكَفِّرَ الحَجُّ الكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ، وَيَجْعَلَ الإِنْسَانَ بِلَا ذَنْبٍ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، هُنَاكَ شُرُوْطٌ لَا بُدَّ مِنْهَا، يَغْفُلُ عَنْهَا كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُوْنَ نِيَّتُهُ خَالِصَةً للهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ إَلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ، وَمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ أَيْ رِضْوَانُهُ كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيْثِ الَّذِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا لِلْحُصُولِ عَلَى تِلْكَ المزِيَّةِ، أَنْ يَحْفَظَ نَفْسَهُ مِنَ الكُفْرِ بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ، وَمِنَ الفُسُوقِ أَيْ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَأَنْ يَكُفَّ نَفْسَهُ عَنِ الجِمَاعِ مَا دَامَ مُحْرِمًا، كَمَا هُوَ مَفْهُوْمٌ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّابِقِ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَلَمْ يَرْفُثْ أَيْ لَمْ يُجَامِعْ وَهُوَ فِي الإِحْرَامِ، وَمَعْنَى لَم يَفْسُقْ أَيْ تَجَنَّبَ الكَبَائِرَ كَسِبَابِ المسْلِمِ وَضَرْبِهِ ظُلْمًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الكَبَائِرِ الَّتِي لَا بُدَّ لِلْحَاجِّ أَنْ يَكُونَ عَلَى عِلْمٍ بِهَا، حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ اجْتِنَابِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا لِلْحُصُولِ عَلَى تِلْكَ المزِيَّةِ أَنْ يَكُوْنَ المالُ الَّذِيْ يَتَزَوَّدُهُ لِحَجِّهِ حَلَالًا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَلَا يَجْعَلُهُ حَجُّهُ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، لَكِنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْفَظْ نَفْسَهُ مِنْ صَغَائِرِ الذُّنُوبِ، فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الفَضِيْلَةِ، فَلَا يُقَالُ لِلَّذِي تَحْصُلُ مِنْهُ الصَّغَائِرُ وَهُوَ فِي الحَجِّ، كَكَذْبَةٍ مِنَ الصَّغَائِرِ وَنَظْرَةٍ بِشَهْوَةٍ، ذَهَبَ ثَوَابُ حَجِّكَ.

وَأَوَّلُ الأَرْكَانِ -أَيُّهَا الأَحِبَّةُ- الإِحْرَامُ، وَلَيْسَ المرَادُ بِالإِحْرَامِ لُبْسَ الثِّيَابِ البِيْضِ كَمَا يَظُنُّ كَثِيْرٌ مِنْ مُرِيْدِي الحَجِّ، إِنَّمَا المرَادُ بِالإِحْرَامِ النِّيَّةُ، فَكَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ الحَجُّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ أَيْضًا، وَالإِحْرَامُ كَأَنْ تَقُولَ بِقَلْبِكَ -وَلَا يُشْتَرَطُ بِلِسَانِكَ- نَوَيْتُ الحَجَّ وَأَحْرَمْتُ بِهِ للهِ تَعَالَى، أَوْ تَقُولَ بِقَلْبِكَ دَخَلْتُ فِي عَمَلِ الحَجِّ، هَذَا هُوَ الإِحْرَامُ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُوْنَ الرَّجُلُ وَقْتَ النِّيَّةِ أَيْ وَقْتَ الإِحْرَامِ مُتَجَرِّدًا عَنِ الثِّيَابِ المحِيْطَةِ بِالبَدَنِ بِخِيَاطَةٍ، فَيَتَجَرَّدُ مِنْ نَحْوِ القَمِيْصِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ.

وَثَانِي الأَرْكَانِ الوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَلَو لَحْظَةً، بَيْنَ زَوَالِ شَمْسِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى فَجْرِ لَيْلَةِ العِيْدِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ فِي حُدُوْدِ أَرْضِ عَرَفَةَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَا يُجْزِئُ خَارِجَ حُدُوْدِهَا.

وَالثَّالِثُ -عِبَادَ اللهِ- الطَّوَافُ بِالبَيْتِ سَبْعًا، بَعْدَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ العِيْدِ، وَلَهُ شُرُوْطٌ مِنْهَا سَتْرُ العَوْرَةِ، وَالطَّهَارَةُ مِنَ النَّجَاسَةِ، وِمَنَ الحَدَثَيْنِ الأَصْغَرِ وَالأَكْبَرِ، فَلَا يَصِحُّ الطَّوَافُ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ، وَلَا يَصِحُّ طَوَافُ المرْأَةِ وَهِيَ فِي حَالِ الحَيْضِ، كَمَا يَحْصُلُ مِنْ بَعْضِ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيْحٍ.

وَالرَّابِعُ مِنَ الأَرْكَانِ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمرْوَةِ سَبْعًا، وَلَا بُدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي المـَوضِعِ الصَّحِيْحِ، وَكَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ اليَوْمَ يَسْعَوْنَ فِي التَّوْسِعَةِ الجَدِيْدَةِ عِنْدَ الذَّهَابِ مِنَ الصَّفَا إِلَى المرْوَةِ، فَيَكُوْنُ جُزْءٌ مِنْ سَعْيِهِمْ خَارِجَ الموْضِعِ الصَّحِيْحِ فَلَا يَصِحُّ سَعْيُهُم بِذَلِكَ، فَإِذَا سَعَيْتَ فَاسْعَ ذَهَابًا وَإِيَابًا فِي المسْعَى القَدِيْمِ فَقَطْ، وَالَّذِي هُوَ الآنَ مَكَانُ السَّعْيِ مِنَ المرْوَةِ إِلَى الصَّفَا.

وَالخَامِسُ -إِخْوَةَ الإِيْمَانِ- الحَلْقُ لِلرَّجُلِ أَوِ التَّقْصِيْرُ لِلرَّجُلِ وَالمرْأَةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ بَعْدَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ العِيْدِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى المحْرِمِ إِزَالَةُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ بَدَنِهِ.

وَالسَّادِسُ مِنْ هَذِهِ الأَرْكَانِ التَّرْتِيْبُ فِي مُعْظَمِ الأَرْكَانِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَدَّمَ الإِحْرَامُ عَلَى الكُلِّ، وَيُؤَخَّرَ طَوَافُ الفَرْضِ وَالحَلْقُ وَالتَّقْصِيْرُ عَنِ الوُقُوْفِ بِعَرَفَةَ.

وَلِلْحَجِّ -أَخِيْ المسْلِمَ- وَاجِبَاتٌ غَيْرُ الأَرْكَانِ، كَرَمْيِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ وَالجِمَارِ الثَّلَاثِ أَيَّامَ التَّشْرِيْقِ، وَيَنْبَغِي الانْتِبَاهُ مِنْ بَعْضِ المخَالَفَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ هُنَاكَ، فَإِنَّ بَعْضَهُم مَثَلًا يَرْمِي جَمْرَةَ العَقَبَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ رَمْيِهَا، أَيْ قَبْلَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ العِيْدِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ، وَالبَعْضُ يَرْمِي الأَحْجَارَ السَّبْعَةَ دَفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ يَرْمِي الحَصَاةَ خَارِجَ الحَوْضِ، فَكُلُّ هَذَا يُؤَثِّرُ عَلَى صِحَّةِ الرَّمْيِ، لِأَنَّ الحَاجَّ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجُمَ حَصَاةً حَصَاةً، وَأَنْ يَجْعَلَ الحَصَاةَ فِي الحَوْضِ المخَصَّصِ لَهِا، فَلَا يَرْمِي خَارِجَ الحَوْضِ.

أَخِي المسْلِمَ، الحَجُّ وَالعُمْرَةُ فَرْضَانِ مُهِمَّانِ، لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ عِلْمٍ كَافٍ، حَتَّى لَا يَقَعَا فَاسِدَيْنِ غَيْرَ مَقْبُوْلِيْنَ، فَاحْرِصْ  عَلَى أَدَاءِ العِبَادَةِ صَحِيْحَةً، وَلَا تَنْسَ إخْوَانَكَ المسْلِمِيْنَ مِنْ دُعَاءٍ صَالِحٍ أَوَّلَ مَا تَرَى الكَعْبَةَ المشَرَّفَةَ، فَالدُّعَاءُ أَوَّلَ مَا تشَاهِدهَا مُسْتَجَابٌ، وَلَا تَنْسَنَا أَخِي الحَاجَّ مِنْ دَعْوَةٍ صَالِحَةٍ عِنْدَ قَبْرِ حَبِيْبِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، وَتَوَفَّنَا وَأَحِبَّاءَنَا عَلَى كَامِلِ الإِيْمَانِ، وَءاخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمْ.

نسب النبي ومولده

إِنَّهُ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ثم اختلفت الروايات من بعد عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام. …

نسب النبي ومولده قراءة المزيد »

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم صَاحِبُ الـخـُلُقِ العَظيم: هو محمد الذي جعل الله خُلُقَه القرءان، هو محمد الذي يرضى بـما يرضاه القرءان ويتأدب بآدابه ويتخلق بأخلاقه ويلتزم أوامره ولا يغضب لنفسه إلا إذا ارتكبت محارم الله. هو محمد الذي بعثه الله الرحمن بالإرفاق أي رفقًا بهذه الأمّة لكي يتمّم مكارم الأخلاق، هو محمد الذي هو أشجع الناس أي أقواهم قلبًا وأكثرهم …

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم قراءة المزيد »

فوائد منثورة عن ليلة القدر

في كتاب المجموع شرح المهذب يستحب طلب ليلة القدر لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه }، والمستحب أن يقول فيها : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ، لما روي { أن عائشة …

فوائد منثورة عن ليلة القدر قراءة المزيد »